مذكرات إمام الموهوبين ...الحلقة الأولي
حــــــــازم إمــــــــــــــــــام:
والدتي هي التي اكتشفت موهبتي.. وكانت أمنيتي أن
أصبح نجــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــما مثـــــــل
حمــــــادة إمــــــــــــــــام!
ابتداء من هذا العدد تنشر مجلة الشباب مذكرات(
إمام الموهوبين)حازم إمام ليتحدث عن نشأته وتعلقه بوالده الكابتن حماده
إمام وجده يحيي إمام الذي كان لاعبا في الزمالك والمنتخب أيضا. وكذلك
ليتحدث عن خطواته الأولي علي البساط الاخضر.
اسمي حازم محمد إمام وولدت في يوم5 أكتوبر عام1975, وقد نشأت في أسرة رياضية أثرت في شخصيتي بشكل كبير..
جدي هو اللواء يحيي إمام الذي كان حارس مرمي منتخب مصر ونادي الزمالك في
الأربعينيات واستمر في الملاعب22 عاما في الفترة بين36 ـ1958, أما
والدي فقد حقق الانجاز نفسه وحمل شارة قيادة الزمالك والمنتخب في الفترة
من58 إلي1974 وكان اسم حمادة إمام مرادفا لأشهر المهاجمين في الكرة
المصرية طوال تاريخها الي جانب لقبه الشهير ثعلب الملاعب.
والدتي هي الدكتورة ماجي الحلواني وكيل كلية الاعلام حاليا وقد كانت لاعبة
كرة يد, أما أخي أشرف الذي يكبرني بخمس سنوات فقد كان أفضل لاعب كرة
شاهدته في حياتي وأعتقد أنه لولا عشقه للطيران وانشغاله عن الكرة لأصبح له
شأن كبير, والدتي لها الفضل الأول في اكتشاف موهبتي الكروية, فقد قامت
بتحويل حديقة منزلنا إلي ملعب مفتوح لتنس الطاولة وكرة القدم والسلة واليد
والطائرة وكانت تشجعني أنا وأخي أشرف علي ممارسة كل هذه الألعاب وعمرنا4
و9 سنوات فقط وأتذكر أنني كنت منذ صغري أرفض الهزيمة وأبكي بشدة اذا
هزمني أخي في إحدي هذه الألعاب وكنت أقف علي كرسي للعب تنس الطاولة مع أخي
واصدقائه الأكبر مني, وأذكر أيضا أنني ظهرت في أحد البرامج التليفزيونية
مع والدي وجدي وكان المذيع الراحل أحمد سمير معجبا بهذه الاسرة الرياضية
وسألني وعمري5 سنوات عما اتمناه في المستقبل فقلت له: أريد ان اصبح
مثل أبي وجدي!
منذ صغري لم تكن كرة القدم بالنسبة لي مجرد وسيلة للشهرة والثروة ولكنني
ادركت أهمية شيء آخر وهو حب الناس وتقديرهم, فقد كنت أحب منذ صغري
الخروج مع والدي خاصة ان عمله كضابط في الجيش كان يجعله يبتعد عن المنزل
لفترات طويلة, وكان يدهشني التفاف الناس حوله في كل مكان للسؤال عن صحته
وأحواله ورأيه في الكرة والدوري وبالرغم من عمله بعد الاعتزال كمقدم برامج
ومعلق رياضي فإن حب الناس واحترامهم له لم يقل وهو ما لفت انتباهي, وأنا
لم أشاهد والدي وهو يلعب الكرة لأنني ولدت بعد اعتزاله بعام ولكن والدتي
من هواة جمع التسجيلات النادرة والصور وأرشيف الموضوعات الصحفية الخاص
بوالدي وهو ما تربيت عليه أنا وأخي, وكانت متعتنا ونحن صغار في الجلوس
لمشاهدة تسجيل مباراة الزمالك الشهيرة مع ويستهام الانجليزي والتي أحرز
فيها حمادة إمام ثلاثة أهداف وقد روت لي والدتي أنها كانت تجلس مع الجمهور
في المدرجات باستاد القاهرة ولذلك كان والدي بعد كل هدف يشير نحو المدرجات
بعلامة النصر ولايمكنني نسيان صوت الجمهور وقتها وهو يهتف بص شوف حمادة
بيعمل ايه وظل بداخلي حلم يراودني وهو ان أكون في مكانه يوما ما ويهتف
الآلاف باسمي مثله!
وبالرغم من هوايتي للرسم فإن والدتي كانت مقتنعة بأنني ولدت لأكون لاعب
كرة وكذلك أخي أشرف وبالرغم من اعمارنا الصغيرة فإننا انضممنا إلي نادي
الصيد بسبب قربه الشديد لمنزلنا, وفي هذه الفترة لم يكن والدي يعلم
بأننا نلعب كرة القدم بشكل جيد لأنه كان يري أن كل الأطفال الصغار يجيدون
لعب الكرة, وكانت والدتي تذهب بنا يوميا إلي النادي وكان من زملائي في
فريق الناشئين بالنادي هشام حنفي ويحيي نبيل وأحمد عبدالله وكان هؤلاء
الثلاثة يسكنون بجوارنا ولذلك ربطتنا بهم صداقة خارج النادي, وفي الوقت
نفسه كنت أهوي المشاركة مع شقيقي في الدورات الرمضانية التي ينظمها النادي
وكنا متفاهمين بداخل الملعب بشكل كبير وفزنا بدورات كثيرة مازلنا نحتفظ
بكئوسها حتي الآن وخلال وجودي في نادي الصيد تعلمت اشياء كثيرة أفادتني في
حياتي بعد ذلك أهمها أن أحترم نفسي لكي أفرض احترامي علي الجميع, وكنت
ابتعد عن أي موقف يمكن تفسيره بأن به شبه مجاملة لوالدي وكذلك أخي وربما
كان ذلك سبب الخجل الشديد الملتصق بنا, كما تعلمت الالتزام بنصائح
المدربين وتوصياتهم وكنت أتمني الالتحاق بكلية الهندسة بعد انتهاء دراستي
الثانوية ولكن الله قدر لي الالتحاق بكلية التجارة
وممارسة الهندسة بعد ذلك, ولكن ليس في الإنشاءات وإنما في الملاعب!.
كنت والحمد لله متألقا بشدة في نادي الصيد لدرجة انني كنت ألعب مع أخي
أشرف في فريق تحت19 عاما وعمري12 عاما فقط, وبدأت موهبتي في
المراوغة تظهر خاصة ان فرق الناشئين تتميز بكثافة اللاعبين في مناطق معينة
بالملاعب وبالتالي تظهر مهارات الموهوب في مساحات ضيقة من خلال التمرير
والمراوغة والتصويب علي المرمي من أي مكان, وفي هذه الفترة انضم أخي
أشرف لنادي الزمالك بعد ان اكتشف موهبته الكابتن فاروق جعفر الذي كان
مسئولا وقتها عن فريق الناشئين بالنادي إلا أن أشرف ترك الكرة نهائيا بسبب
احلامه في ان يصبح طيارا والتي تحققت بعد ذلك, أما أنا فقد حققت مع
فريقي نتائج جيدة وهزمنا الأهلي والزمالك وكل الفرق الكبيرة, وفي
مباراتنا مع الزمالك شاهدني الكابتن بدر حداد مدرب فريق الزمالك واندهش
بعد ان عرف أنني ابن الكابتن حمادة إمام لأنه توقع وجودي في الزمالك,
وخلال هذه الفترة كنت أعتبر كرة القدم مجرد هواية أمارسها في وقت فراغي
بسبب أحلامي الدراسية ولم أكن أتوقع مطلقا ان اصبح لاعب كرة مثل والدي وإن
كنت أتمني أن أنال شهرته واحترام الناس له ولكنني فوجئت بضمي إلي منتخب
الناشئين وكان ذلك في عام1989 وهنا أدركت ان مستقبلي بأكمله سيتغير.
واكتملت المفاجأة بعد ذلك بأسبوعين فقط بعد ان أخبرني والدي بأن الكابتن
بدر حداد اتصل به وطلب منه ضمي إلي فريق الناشئين بالزمالك وهو ما أدهش
والدي نفسه الذي كان يسمع من والدتي انني لاعب جيد ولكن لظروف عمله لم يكن
يشاهدني في المباريات وفوجئ بأن الكابتن بدر حداد يصفني بأنني لاعب موهوب
وسيكون لي مستقبل كروي كبير, في البداية لم أكن متحمسا لترك اصدقائي في
نادي الصيد الذي كنت ومازلت متعلقا به ولكن بعد فترة بسيطة بدأت أتأقلم في
الزمالك, وكان أكثر مايحزنني عندما يتهامس البعض بأنني لاعب عادي ووجودي
في الفريق بالواسطة بسبب تاريخ والدي وجدي مع النادي وبسبب طبيعتي الهادئة
كنت شديد الحساسية تجاه هذه الهمسات وكدت أترك الكرة نهائيا ولكن والدي
ووالدتي كانا يشجعاني علي البقاء واثبات نفسي وحكي لي والدي أنه عاني من
هذه المواقف في بداية انضمامه للزمالك في العام نفسه الذي اعتزل فيه والده
الكابتن يحيي إمام ولكنه صبر وأثبت موهبته ونال تقدير الجميع, ومما
شجعني علي الاستمرار في الفريق انضمام زملائي السابقين في الصيد يحيي نبيل
وأحمد عبدالله للزمالك وهو ماحفزني علي البقاء في النادي ..
وبعد مرور فترة وبنصائح المدربين الكبار الذين كانوا يشرفون علي فرق
الناشئين بالزمالك وقتها وهم بدر حداد وفاروق جعفر وحسن شحاته بدأت في
التألق خاصة أن الصحافة اهتمت بي كموهبة كروية وليس لأنني ابن الكابتن
حمادة إمام, وفي هذه الفترة كانت اسرتي أكبر ناقد لي وكان والدي يذكرني
دائما بأن الاخلاق قبل الرياضة وبأنه طوال18 عاما قضاها في الملاعب يذكر
له تاريخ الكرة عدم حصوله علي انذار واحد, واستمر الحال في فرق الناشئين
بالنادي والمنتخب وكنت في كل يوم أثبت فيه جدارتي بارتداء فانلة الزمالك
وموهبتي في الكرة حتي جاء عام1995 الذي حمل لي الكثير من الخير
والانتصارات التي اثرت في مشواري مع الكرة, فقد كنت ضمن منتخب الناشئين
الحاصل علي الميدالية الذهبية في دورة الألعاب الإفريقية في زيمبابوي
والحمد لله ظهر الفريق بأكمله بشكل جعل كل أفراده نجوما في فرقهم حاليا,
وكانت المرة الأولي التي أتعامل فيها مع المدرب الهولندي رود كرول الذي
استفدت منه كثيرا خاصة أنه كان مقتنعا بموهبتي وقدراتي, وقد اصبت في
مباراة الدور قبل النهائي وبعد فوزنا في المباراة النهائية اتصل بي والدي
ليهنئني بأول بطولة دولية افوز بها مع المنتخب ومازلت أتذكر صوت أمي وهي
تبكي بشدة لأنها كانت خائفة من اصابتي,..
وبعد عودتنا إلي مصر كان يشرف علي تدريب الفريق الأول بالزمالك الكابتن
محمود الجوهري الذي قرر تصعيدي إلي الفريق ومنحني الفرصة كاملة للعب,
والجوهري هو أفضل مدرب وطني عرفته في حياتي ولديه خبرة كبيرة وقدرة علي
التعامل النفسي مع اللاعبين الي جانب تقديره للاعب الموهوب بغض النظر عن
سنه والمهم هو اداؤه داخل الملعب, في هذه الفترة كان يشغل مركز لاعب
الوسط المهاجم الذي ألعب فيه لاعبون كبار مثل اشرف قاسم واسماعيل يوسف
وخالد الغندور ولكنني والحمد لله حصلت علي فرصتي, وبعد ان تولي مستر رود
كرول تدريب المنتخب الأول ضمني للفريق الذي كان يستعد لخوض نهائيات الأمم
الإفريقية التي أقيمت في جنوب إفريقيا عام1996, كانت هذه البطولة بمثابة
الانطلاقة لجيل من اللاعبين اصبحوا نجوما كبارا بعدها مثل عبدالستار صبري
ومحمد عمارة وياسر رضوان ومدحت عبدالهادي وغيرهم, وقدمنا مباريات كبيرة
وكان مستواي بشهادة الجميع أكثر من رائع وبدأت الصحافة تطلق علي لقب
الثعلب الصغير ولكننا للأسف خرجنا من الدور الثاني بعد الهزيمة من زامبيا
إلا أن هذه البطولة كانت لي بمثابة الغفوة التي تسبق الاحلام الجميلة وذلك
لأنني بعد العودة إلي مصر أخبرني والدي بوجود مفاجأة مدهشة في انتظاري!.