هل نأخذ لقاح إنفلونزا الخنازير؟

أ. د. عبدالقادر بن عبدالرحمن الحيدر

هل نأخذ لقاح إنفلونزا الخنازير؟ (1 من 2)

أ. د. عبدالقادر بن عبدالرحمن الحيدر
تنقسم التطعيمات من حيث مدة فاعلية التأثير إلى ثلاثة أنواع: أكثرها شيوعاً ذات المفعول الطويل، مثل تطعيمات الحصبة والجدري والثلاثي والدرن والشلل، وتعطى في الغالب مرة واحدة في العمر وقد أثبتت جدواها في كبح جماح الكثير من الأوبئة، أما ما يُثار حولها من أنها قد تكون السبب في بعض الأمراض مثل التوحد، فالأدلة الطبية ما زالت غير مقنعة، وهناك تطعيمات متوسطة المفعول (خمس سنوات) مثل Pneumovax فهذه تعطى لبعض المرضى (مثل بعض كبار السن 65 سنة فما فوق، أو أصحاب الأمراض المزمنة، وكذلك الأطفال الذين سبق أن تعرضوا لإصابة حادة بهذا الميكروب البكتيري)، وذلك لتقليل خطر الإصابة بذات الرئة أو التهاب السحايا، وهذه التطعيمات تعد أيضاً آمنة، أما النوع الثالث والذي نحن بصدد الحديث عنه فهو قصير المفعول والذي يعطى بصورة دورية، وهو تطعيم الإنفلونزا الموسمية، فقد وجد أن له تأثيرا جيدا ومفيدا لتقليل مضاعفات الإصابة، ولكن يوصى بإعطائه كبار السن (فوق 65 سنة)، وكذلك ذوو الأمراض المزمنة (مثل الفشل الكلوي، احتقان القلب، بعض مرضى السكري، الربو)، ولكن وبموجب الطب المبني على الدليل، وحسب أبحاث منظمة الكوكرين المختصة بذلك، فإنه ومن خلال مراجعة نتائج التطعيم لمدة خمسين عاماً فإن التطعيم الدوري بلقاح الإنفلونزا الموسمية يقلل من حدة الإصابة ولكن لم يثبت أنه يقلل من معدل الوفيات.
أما فيما يخص التطعيم ضد إنفلونزا الخنازير، فقد انقسم العالم سواء كان من العامة أو حتى الأطباء والمختصين بين مؤيد ومعارض، وكل له وجهة نظر في ذلك، فالمؤيد أو بالأحرى الموافق على أخذ التطعيم لنفسه وأفراد عائلته، قد بنا قناعته على ما سمعه من الزخم الإعلامي في تضخيم ذلك الوباء والخوف منه، الذي وكما أثبتت النتائج أنه أقل ضراوة وحدة من الإنفلونزا الموسمية، أما المعارضون في أخذ التطعيم فهم من قرأ عن عواقب ومضاعفات استخدام التطعيم ضد إنفلونزا الخنازير، الذي حدث في عام 1976م، والذي أجري على شريحة كبيرة في الولايات المتحدة وصاحبه ظهور متلازمة كاليون بيري العصبية Guillain-Barré syndrome ، والتي قد تكون نتيجة لبعض المواد المضافة في صناعة التطعيم، كما أن البعض يشكك في أخلاقيات الشركات المصنعة، حيث اكتشف في أحد المعامل في جمهورية التشيك وجود تلوث في اللقاح المخصص للإنفلونزا الموسمية بفيروسات حية من إنفلونزا الطيور، والمصنع من قبل شركة باكستر Baxter الأمريكية، ولحسن الحظ نجا الكثير من الناس في العالم من كارثة كبيرة، ولكن لسوء الحظ ما زالت تلك الشركة محل ثقة منظمة الصحة العالمية WHO التي تعلم أن للشركة نفسها تاريخا سابقا بحادثة تلوث سنة 2006م ولم تتخذ المنظمة أي إجراء ضدها، بل إنها تتنافس مع شركة نوفارتس على تصنيع لقاح إنفلونزا الخنازير، وبمباركة تلك المنظمة، ومن اللافت للنظر أن شركة باكستر قد قدمت براءة اختراع لتطعيم إنفلونزا الخنازير قبل سنة من ظهور الفيروس في المكسيك تحت الرقم Vaccine Patent Application 2009/0060950 US A1، فأترك تفسير ذلك إلى مَن يهمه الأمر. وهنالك جانب أخلاقي آخر في الموضوع يتلخص في توقيع وزيرة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية Kathleen Sebelius بموجب قانون الضرورة الصحية الصادر في عام 2006م (في زمن حكومة بوش - ديك تشيني؟؟) مرسوماً يحمي الشركات المنتجة للقاح إنفلونزا الخنازير وكذلك الحكومة الفيدرالية من الملاحقات القضائية الناتجة عن استخدام ذلك التطعيم ومثيلاته!!. وهذا يذكرنا بتصريح وزير الصحة المصري الدكتور حاتم الجبلي في مؤتمر صحافي عقده أخيرا أنه سيتم أخذ إقرار على مَن يأخذ اللقاح بعدم مسؤولية الوزارة عن آثاره الجانبية، وأشار في المؤتمر نفسه إلى أن شركات الأدوية أخذت بدورها إقرارات مماثلة على وزارات الصحة في دول العالم الثالث!!. (ولنا تكملة حول المواد المضافة للقاح في الجزء الثاني).

هل نأخذ لقاح إنفلونزا الخنازير؟ (2 من 2)

أ. د. عبدالقادر بن عبدالرحمن الحيدر
أما فيما يخص المواد الإضافية والمستخدمة في تحضير اللقاحات بصورة عامة، فأهمها مادة Thiomersal الحافظة، وهي من مشتقات الزئبق، حيث حصل خلاف علمي حول إمكانية أن تكون السبب في حدوث مرض التوحدِAutism لدى الأطفال، ففي عام 1999م أصدرت أكاديمية أطباء الأطفال الأمريكية مع منظمة صحة الجمهور الأمريكية توصية مشتركة بحظر استخدام تلك المادة في التطعيمات، وخلال السنوات العشر الماضية صدرت كثير من الدراسات المنشورة في مجلات عالمية حول ذلك الموضوع، وخلاصتها أن الأدلة غير مقنعة في أن تكون مادة Thiomersal السبب في ظهور التوحد، ولكن التوصية مبنية على ترجيح الفائدة والضرر الناتج، وتتلخص بإعطاء التطعيمات التي تحتوي على تلك المادة إن كان هنالك ضرورة قصوى لإعطائها، كما أن هنالك اختلافات جينينية بين الأفراد قد تكون السبب في ظهور مرض التوحد (1-2). وللمعلومية فإنه لا داعي لاستخدام تلك المادة الحافظة إذا كان اللقاح يعطى على هيئة جرعة واحدة كالتي تؤخذ في الأنف. أما في ما يخص مادة السكوالين Squaline التي تستخدم كمادة محفزة للمناعة في اللقاحAdjuvant ، فقد حصل جدال كبير حول أعراضها الجانبية خصوصاً على الجهاز المناعي (3)، ولا يزال النقاش حولها قائما عندما أخذ الجنود الأمريكان خلال حرب الخليج الأولى لقاح الجمرة الخبيثة وظهر على بعضهم أعراض مرضية نادرة تسمى متلازمة الخليج، حيث يعتقد احتواء اللقاحات المستخدمة على مادة السكوالين، ولا يزال السبب غير معروف!!، لذا فقد ذكرت CDC الأمريكية بموجب نشرتها في 5 تشرين الأول (أكتوبر) 2009 م، أن اللقاحات المستخدمة في أمريكا للإنفلونزا الموسمية أو الخنازير لا تحتوي على مادة السكوالين، فالسؤال المطروح: هل اللقاحات الموجودة لدينا خالية من المواد المحفزة للمناعة؟
أما فيما يخص منظمة الصحة العالمية وتوصياتها، فهذه المنظمة دائما ما تذهب لأسوأ الاحتمالات، فعلى سبيل المثال لا الحصر توقعت تلك المنظمة خلال انتشار وباء إنفلونزا الطيور وفاة الملايين من أبناء الكرة الأرضية، ولكن بعد انتهاء الوباء وصل عدد الوفيات إلى مائتين واثنين وستين فقط في العالم. كما أن تقاريرها وتوصياتها فيها شيء من التضارب، ففي الوقت الذي تصرح فيه أن وباء إنفلونزا الخنازير بسيط والفيروس معتدل ويمكن للأشخاص مقاومته دون الحاجة إلى لقاح، يأتي تصريح آخر مثير للجدل وذلك بإعلانها حاجة العالم إلى خمسة أو ستة مليارات جرعة لتلقيح كل أفراد البشرية، فهذه التصريحات تعد قمة في عدم وضوح المنطق العلمي. كما أن تصورها في انتشار الوباء في فصل الشتاء قد مر بسلام ودون إصابات تذكر في نصف الكرة الجنوبي، حيث كان الشتاء في شهر تموز (يوليو) الماضي، مع العلم أن أستراليا من كبرى الدول المنتجة للخنازير. لذا فمن منطلق طمأنه العالم وبعد مرور ستة أشهر على ظهور إنفلونزا الخنازير، ينبغي لتلك المنظمة أن تقلل من نسبة الذعر، خصوصا أنها الجهة المسئولة عن توثيق ومتابعة ذلك الوباء.
فالسؤل الذي يحتاج إلى إجابة: هل يُنصح بأخذ التطعيم؟ أعتقد أنه لا بد أن يكون هنالك توصيات لمن يحتاج إلى هذا النوع من التطعيم، حيث إن نسبة كبيرة من الأطباء والعاملين في القطاع الصحي (داخل الوطن العربي وخارجه) يرفضون أخذه لأنفسهم وعائلاتهم، وذلك لأن نسبة الشفاء من إنفلونزا الخنازير قد تصل إلى 98 في المائة، كما أن الجسم لديه القابلية على مقاومة ذلك الفيروس وحصول مناعة طبيعية، فهذه مبررات لعدم أخذ اللقاح، ولكن يبقى هنالك فئة من الناس ممن لديهم أمراض مزمنة كالربو وضعف المناعة وغيرها، وهذه يحددها الأطباء المختصون.
في الختام أتمنى أن يكون لوسائل الإعلام (بكافة أنواعها) دور بناء في تجنب تضخيم ذلك الوباء وغيره من الأوبئة المستقبلية، وأن يترك نقاش تلك القضايا الطبية لذوي الخبرة، كما ينبغي تجنب نقل أي تقرير أو معلومة غير موثقة علمياً.

بعض المراجع:

1) Clements CJ,McIntyre PB. Expert Opin Drug Saf.,2006 Jan 5(1):17-29.
2) Aschner M, Ceccatelli S. Neurotox Res 2009 Sep 16.
3) Shahiwala A, Amiji MM. J Drug Target 2009, May 16 (4) 302-310.

المصدر/
الإقتصادية الإلكترونية

هل نأخذ لقاح إنفلونزا الخنازير؟ Fbro3wrs8

تسلم الايادى

تسلم ايدك
وربنا يستر علينا

زائر

موضوع محير

ميرسي ليك

» معلومات مخيفه عن لقاح انفلونذا الخنازير
» أعراض إنفلونزا الخنازير
» الفرق بين إنفلونزا الخنازير و الإنفلونزا العادية:مهم جداااااااااا
» مبارك يُطالب الحكومة بتأجيل الدراسة في حالة انتشار إنفلونزا الخنازير
» لقاح مرض الايدز معجزة قد تتحقق