من بين جميع المدن المضيفة لبطولة كأس العالم 2010 لكرة القدم بجنوب أفريقيا ، تشعر مدينة ديربان الساحلية ،ثالث أكبر مدن البلاد ، بأنها ستكون الفائزة الكبرى هذا الصيف.
فليس هناك أدنى شك في أن بطولة كأس العالم تعد فرصة مثالية لديربان أو "ديربس" كما يطلق عليها عشرات الآلاف في جنوب أفريقيا الذين يتدفقون على شواطئها كل صيف ، للتخلص مما عرفت به من سوء سمعة.
وفي الوقت الذي عادة ما تستحوذ فيه مدينتا جوهانسبرج وكيب تاون مزيج من صور التجارة والسياحة في جنوب أفريقيا ، لا تجذب ديربان الكثير من اهتمام أغلب الزائرين الأجانب رغم شواطئها وقربها من مناطق الغابات.
بيد أنه في غضون ثلاثة أشهر فقط ، ستتاح الفرصة أمام ديربان لتغيير هذا الوضع عندما تستضيف عاصمة قبائل الزولو التي يقطنها ثلاثة ملايين نسمة والتي تضم أكبر جالية هندية في العالمن عددا من مباريات كأس العالم للعبة الشعبية الأولى في العالم ، و بينها مباراة بالدور قبل النهائي للبطولة.
واستغلالا لهذه الفرصة ، تم تشييد استاد رائع بدأ بالفعل في تحويل تلك المدينة المطلة على المحيط الهندي ،إلى مركز رياضي نشط.
ومن الآن فصاعدا سيكون استاد موزيس مابيدا ، الذي استضاف احتفالات جنوب أفريقيا أمس الثلاثاء بمناسبة بقاء مائة يوم فقط على انطلاق منافسات كأس العالم 2010 ، العلامة المميزة في أفق ديربان كما هو الحال مع دار الأوبرا الشهيرة التي تميز مدينة سيدني الأسترالية.
ويتمتع الاستاد العملاق الذي اقيم من الأسمنت والفولاذ ليسع 69 ألف متفرج والذي سمي باسم ناشط راحل بديربان مناهض للتمييز العنصري ، بتصميم مميز بسبب القوس الذي يصل طوله إلى 350 مترا وارتفاعه إلى 106 أمتار. ويبدأ هذا القوس بساقين اثنتين تتحولان إلى ساق واحدة تدريجيا في رمز لوحدة جنوب أفريقيا التي كانت دولة مقسمة يوما ما.
وتتدلى الأسياخ الفولاذية من القوس لتمسك بسقف الاستاد المصنوع من الفايبر والذي يغطي مدرجات الاستاد وجزء من أرض الملعب فيما يشبه السرادق العملاق.
يستطيع الزائرون تسلق القوس العملاق على أقدامهم ،أو بأحبال للوصول إلى منصة على سطح القوس يستطيعون من فوقها الاستمتاع بمشاهدة بانورامية لديربان. وقد بدأ المغامرون بالفعل ممارسة رياضة القفز من فوق القوس ، مع ربطهم من الوسط ، باتجاه الملعب مارين بمدرجات الاستاد ذات اللونين الأزرق والبرتقالي المستمدين من لوني المحيط والرمال.
وإلى جنوب الاستاد ، يتم وضع اللمسات الأخيرة حاليا على المتنزه الجماهيري الذي تصل مساحته إلى 30 ألف متر مربع.
ويقول ألف أوشارتس ،المدير الألماني ، لمشروع بناء استاد موزيس مابيدا : "إنه استاد عالمي يقف على قدم المساواة مع أي استاد كبير آخر في العالم".
وأضاف في مقارنة تجربته في العمل باستادي فرانكفورت وبرلين بكأس العالم 2006 في ألمانيا ، مع تجربة العمل باستاد ديربان التي امتدت لثلاثة أعوام حتى الآن ، في مشروع بلغت تكاليفه 1ر3 مليار راند (403 مليون دولار) : "إن هذا الاستاد يتمتع بأهمية أكبر بالنسبة لجنوب أفريقيا لأن الوضع الاجتماعي أكثر صعوبة هنا".
وأوضح لوكالة الأنباء الألمانية : "هذا الاستاد جزء من برنامج التنمية في ديربان ، فإذا تحدث أي شخص الآن عن ديربان ، فسيتحدث عن الاستاد".
كان هناك اقتراح آخر قبل بناء استاد موزيس مابيدا بتجديد أحد استادات الرجبي بجزء صغير من تكلفة بناء الاستاد وتخصيصه لاستضافة مباريات كأس العالم بديربان.
ولكن ببناء مجمع رياضي متعدد الأغراض يمكن إدخال تعديلات محدودة على الاستاد ليضم مضمارا لسباقات العدو وتوسيع سعته لتصبح 85 ألف متفرج ، إلى جانب وجود حوض السباحة الذي يتمتع بحجم أولمبي في الجوار ، فقد وضعت ديربان نفسها على طريق الترشح لاستضافة دورة الألعاب الأولمبية عام 2020 .
وبخلاف الاستاد ، ستحظى ديربان بمطار جديد تصل تكلفة اقامته إلى سبعة مليارات راند استعدادا لكأس العالم إلى جانب تجديد الكورنيش الموازي للبحر وتوسيع نظام النقل العام بالحافلات.
ومع إقامة بطولة كأس العالم في فصل الشتاء الجنوب أفريقي حيث تنخفض درجات الحرارة وقتها إلى ما دون الصفر في بعض المدن الجنوبية ، تبقى ديربان دائما : "أكثر الأماكن دفئا لقضاء عام 2010 ".