حقوق اليتيم في الفقه الإسلامي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد –صلّى الله عليه وسلّم- وبعد ...

فتناولت هذه الدراسة موضوع "حقوق اليتيم في الفقه الإسلامي". فألقت الضَّوْء على مدى اهتمام الفقه الإسلامي قديماً وحديثاً بالأيتام من حيث رعايتهم والأمر بالمحافظة على حقوقهم المادية والمعنوية والشخصية والمدنية، وغرس المبادئ والقيم والمعاني السامية والفاضلة فيهم، وتنمية قدراتهم، من خلال تربيتهم وتأديبهم وتوجيههم ليكونوا أناساً قادرين على النهوض بأمتهم، لا عبئاً ثقيلاً عليهم.

فقد حثّ الإسلام على توفير الرعاية والعناية باليتامى وغمرهم بالحب والمودة والسكينة، وحرَّم الاعتداء على حقوقهم بأي شكلٍ من الأشكال. وأذكر من هذه الحقوق:
الحقوق المتعلقة بالولادة، وتقسم إلى قسمين: القسم الأول: حقوقه التي تثبت له قبل الولادة، أثناء كونه جنيناً في بطن أمِّه. كحقه في الميراث والوصية، ...، الخ. أما القسم الثاني: فهو حقوقه التي تثبت له بعد الولادة، كحقه بالتسمية بالإسم الحسن، وحقه في التحنيك والعقيقة، ...، الخ.

ولمّا كانت هذه الحقوق قد ثبتت للطفل العادي، فمن بابِ أوْلى أنْ تثبت للطفل اليتيم؛ لضعفه، وصغره، وانفراده، وعجزه عن رعاية نفسه والمحافظة على حقوقه.




لتحميل الملف PDF
التحميل

اليتيم هو الشخص الفاقد لولية القادر على توفير حاجات الصغير الشخصية فالكبار لا يتصفون باليتم وقد وضع القرءان كثيرا من المفاصل التي تنظم اليتيم سواء كانت اجتماعية او مالية

(فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ) (الضحى:9)

والقهر هنا يأتي من خلال استلاب حقوق اليتيم المالية او الأجتماعية .. كما تكلم الله في الخطاب القرءاني عن يتم النساء

(وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً) (النساء:127)

فالمرأة غير المتزوجة (يتيمة) وان كان الابوان على قيد الحياة لان ذوي المرأة غير المتزوجة غير قادرين على تأمين حاجات الانثى غير المتزوجة في انوثتها وامومتها (اللاتي لا تؤتوهن ما كتب الله لهن) والله كتب للانثى انوثتها وامومتها والاب والولاة الشرعيين لها غير قادرين على تأمين تلك الحاجة فوصفها القرءان بـ (يتامى النساء) وعلى حملة القرءان ان يقسطوا في يتامى النساء ..!!

وقد ورد في القرءان ما يدفع حملته الى مراعاة اليتيم رعاية مالية ورعاية مجتمعية

(وَلا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ)(الأنعام: من الآية152)

وفي تلك معادلة اقتصادية في عدم هجر مال اليتيم فيضمر او يهلك بل استوجب الاقتراب منه بالحسنى وتنميته .. كما اوصى القرءان حملته ان يتعاملوا مع اليتيم تعاملا حنونا وذلك باطعامه ولم يشترط القرءان ان يكون اليتيم فقيرا بل جعل الاطعام لغرض القربى

(أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ) (البلد:15)

حين يحتاج اليتيم الى قريب يطمأنه في يوم عصيب كالكوارث او الحروب او قيام الخطر

كما اكد القرءان لحملته ان اليتيم موصوف بصفة الاسير والمسكين وكلاهما لا يشترط فيه الفقر بل فيه صفة العزل عن مصدر العز فالمسكين هو الفاقد لوسيلته والاسير هو المستبعد من عزه ومثلهما اليتيم لانه لم يبلغ اشده ..

(وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) (الانسان:8)

كما اكد الله في قرءانه ان اليتيم يحتاج الى الإكرام وهي ليست غذاء او حنان بل الاكرام هو نوع من العلياء تمنح لليتيم الذي يحس بنقص في عليائه

(كَلا بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ) (الفجر:17)

ومنها يتامى النساء غير المتزوجات فحرمانهن من الامومة هو نقص في علياء وجودهن كبشر فوجب على ذويها اكرامها بالزواج الا ان مزاجية الاسرة وعليائها المتكبر كانت في (كلا بل لا تكرمون اليتيم) لان الاسرة تعتبر ان تسويق المرأة للزواج هو عار عليها فاصبحت العوانس طعنة في عدالة الاسرة والمجتمع