كانت غافلة عما تنويان فعله وفي هذا دليل قطعي عن انتفاء إرادة المجني عليها. هل تصدق أن ألسنة لهيب الانتقام, يمكن أن تأتي على حقول الأمومة الخصبة في صدرها, تحرقها.. وتذرّ هشيمها في عيني مطلقها بعد أن اغتالت منه-عفافه- بتقديم فلذة كبده- ابنتهما- لقمة سائغة للراغبين.. وشر انتقام ذاك الذي دنس فيها طهر الأمومة التي قدست رسالتها كل الديانات السماوية قبل أن تصيب برجس شيطان انتقامها مطلقها, بهتك عرض ابنته .
هي حادثة لا تصدق وأقسى من أن تسرد بكلمات عابرة, لأنها حكاية استلاب عفة فتاة لم تتجاوز الثالثة عشرة ربيعاً بتسهيل من أمها وجدتها اللتين استغلتا حداثة سنها وبراءة يفاعتها, وراحتا تقودانها من مركز الإراءة إلى منازل مشبوهة, حيث تدفعانها في أحضان كل راغب وماجن وإليكم فاجعة التفاصيل:
كانت -رنيم- ابنة لأبوين مطلقين, وكانت والدتها قد استحصلت على حكم إراءة يسمح لها برؤية ابنتها مرة واحدة أسبوعياً, ولمدة ساعتين. حيث كان والد رنيم يحضرها إلى مركز الإراءة لتراها والدتها ثم يعود بها بعد ساعتين إلى البيت.
وعند سفره, صارت تقوم بمهمة إحضار الفتاة إلى المركز خالتها- زوجة أبيها- وتسلمها لوالدتها وجدتها وتغادر المركز وتعود بعد ساعتين لاستلام رنيم من والدتها بحضور المدعو عماد العامل في نفس مركز الإراءة.
وقد اتفقت الاثنتان مع المذكور على أخذ الفتاة, إلى أحد المنازل في محلة باب مصلى, حيث تواجد هناك عماد وصديقه حسام, اللذين أدخلاها إلى إحدى الغرف واعتديا عليها, وبينما كانت تصرخ وتستغيث بوالدتها وجدتها, كانت الجدة تقول لها: بسيطة, سوف يصبح أحدهما زوجا لك.
وأثناء عودتهما بها إلى مركز الإراءة, راحتا تهددانها وتتوعدانها إن أعلمت والدها.
وفي الأسبوع الثاني, اصطحبتاها إلى منزل امرأة تدعى (أم جودت) ودفعتا بها إلى المدعو أحمد, دون أن تأبها لصراخها, وأعادتاها إلى مركز الإراءة ليستلمها منهما العامل في المركز عماد الذي حاول الاختلاء بها, فقاومته وهربت منه.
وفي الأسبوع الثالث, قامت والدة رنيم, باصطحابها من مركز الإراءة إلى منزل في الصالحية, حيث دفعت بها إلى عماد وأعادتها من ثم إلى مركز الإراءة, لتستلمها منها زوجة أبيها, ولاحظت أن الفتاة تبكي بشدة, ولما سألتها في البيت عما ألم بها اعترفت لها بأن والدتها وجدتها تصطحبانها إلى منازل مشبوهة, وتدفعان بها إلى الشبان كرها عنها.
فأْعلمت زوجة الأب, زوجها عند عودته من السفر بما حصل, وقدم ادعاء بالجميع.. الذين اعترفوا في التحقيقات الأولية الجارية في فرع الأمن الجنائي بدمشق بكل ما أسند إليهم, إلا أنهم عادوا وأنكروا اعترافاتهم أمام القضاء.
ولكن أقوال المجني عليها رنيم أمام قاضي التحقيق أدانتهم جميعاً وكذلك شهادة زوجة أبيها, وبعض الشهود الذين شاهدوا أم رنيم وجدتها تتحدثان مع العامل في مركز الإراءة, واللتين زعمتا بأنهما لا معرفة لهما به. وكذلك تقرير الخبرة الطبية الذي أثبت تعرض المجني عليها لاعتداء.. وكل ذلك حدا بمحكمة الجنايات الثانية بدمشق لاصدار حكمها على المتهمين عماد وحسام وأحمد بالسجن مع الأشغال الشاقة مدة إحدى وعشرين سنة بجناية اغتصاب ومجامعة قاصر. وكذلك الحكم على والدتها وجدتها- التي توفيت أثناء المحاكمة- بالسجن مع الأشغال الشاقة مدة عشر سنوات ونصف. يذكر أن المتهمين في هذه القضية قد طعنوا في هذا القرار الصادر بحقهم أمام محكمة النقض, زاعمين أن عم رنيم هو من اغتصبها وجامعها مرتين, وأن والدها هو الذي وجهها للإدعاء على المتهمين من أجل النيل من أمها وجدتها. ولكن المجني عليها, أكدت بعد تحليفها اليمين القانونية, أن هذا الكلام محض افتراء, وأن خالها طلب منها قول ذلك لإخراج والدتها من السجن. كما وجدت هيئة المحكمة أن المذكورة, كانت غافلة عما تنويان تجاهها والدتها وجدتها, وهذا يكفي للتدليل القطعي على انتفاء إرادة المجني عليها, وتوافر ركن الإكراه وشك إرادتها.
مع التنويه إلى أن الفعل وقع عليها بالإكراه وبلا جدوى من المقاومة أمام شابين انقضا عليها في غرفة واحدة, وتساءلت هيئة المحكمة: كيف يمكن أن تنجو فتاة قاصر مثلها في رد عدوان وقوة المتهمين, مع ملاحظة أن أمها وجدتها بمالها من سلطة أدبية عليها هما من اقتادتاها إلى هذه المنازل المشبوهة مرات ومرات ودفعتا بها بدم بارد إلى هؤلاء, ودون أن تكثرتا باستنجادها بهما. ما يحجب عن الجميع أسباب التخفيف التقديرية.
[quote] جريدة الثورة السورية